للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاقتراع بين مستحقى القصاص إذا كانوا جميعًا يحسنونه ولم يتفقوا فمن اختارته القرعة قام بالاستيفاء (١) . ويرى بعض الفقهاء فى مذهب مالك أن الحاكم مخير بين أن يستوفى بنفسه القصاص أو أن يسلمه لولى المقتول ليقتص منه، والأصل فى الشريعة أن لا يمكَّن إنسان من استيفاء حقه بنفسه، لأن استيفاء الحقوق متروك للحكام، ولكن جاز أن يستوفى الفرد حقه فى القتل بدليل خاص هو تسليم الرسول للقاتل المستحق (٢) ولما كان من شروط الاستيفاء عدم الحيف وأن لا يُعذِّب المقتص القاتل وأن يحسن قتلته (٣) ، فإن القصاص يجب أن يتم تحت إشراف السلطة التنفيذية وليس ثمة ما يمنع من أن تتولاه السلطة التنفيذية اليوم لضمان التنفيذ على الوجه المطلوب.

١٧٣- الأمن من التعدى إلى غير القاتل: يشترط فى الاستيفاء أن لا يتعدى إلى غير القاتل فإذا وجب القصاص على حامل قبل وجوبه أو حامل بعد وجوبه لم تقتل حتى تضع ولدها، وليس فى هذا اختلاف؛ لقوله تعالى: {فَلاَ يُسْرِف فِّى القَتْل} [الإسراء:٣٣] وقتل الحامل إسراف، وروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا قتلت المرأة عمدًا لم تقتل حتى تضع ما فى بطنها إن كانت حاملاً وحتى تكفل ولدها، وإن زنت لم ترجم حتى تضع ما فى بطنها وحتى تكفل ولدها"، ولقد قال الرسول للغامدية التى زنت: "ارجعى حتى تضعى ما فى بطنك" فلما وضعته قال لها "ارجعى حتى ترضعيه" وهذه القاعدة مسلم بها فى القصاص إطلاقًا سواء كان فى النفس أو الطرف أما فى النفس فلما سبق، وأما فى الطرف فلأننا منعنا الاستيفاء فيه خشية السراية إلى غير الجانب وتفويت نفس معصومة أولى وأحرى ولأن فى القصاص من لحامل قتلاً لغير الجانى وهو محرم إذ لا تزر وازرة وزر أخرى.


(١) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٨٥.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٩ ص٢٣٠.
(٣) الشرح الكبير ج٩ ص٣٩٧ وما بعدها , نهاية لمحتاج ج٧ ص٢٨٦ , ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>