للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا وضعت الحامل لم تقتل حتى تسقى ولدها اللِّبَأ، لأن الولد يتضرر لتركه ضررًا كبيرًا ثم إن لم يكن للولد من يرضعه لم يجز قتلها حتى يجئ أوان فطامه، وإن وجد له مرضعة راتبة جاز الاستيفاء من الأم، لأن الولد يستغنى عنها بلبن المرضعة، وكذلك إذا أمكن أن يسقى من لبن شاة أو نحوها، أو وجد له مرضعة غير راتبة أو نساء يتناوبن رضاعه، ولكن يستحب فى هذه الحالات أن يؤخر الولى القصاص لما على الولد من ضرر فى اختلاف اللبن وشرب لبن البهيمة.

وإذا ادعت المرأة الحمل فلا يستوفى منها إلا بعد التحقق من خلوها من الحمل، وتعرض على أهل الخبرة فإن تبين حملها أو أشكل الأمر أُخرت حتى تضع أو حتى يتبين أمرها، وإن ثبت أنها غير حامل لم تؤخر، وإذا تبين الحمل أو أشكل الأمر فتحبس حتى تضع، ويستوى أن تكون حاملاً من زوج أو زنًا (١) ، وتأخير التنفيذ على الحامل هو المبدأ الذى تأخذ به القوانين الوضعية اليوم، فالقانون المصرى ينص فى المادة ٢٦٣ على أنه "إذا أخبرت المحكوم عليها بالإعدام أنها حبلى يوقف تنفيذ الحكم، ومتى تحقق قولها لا ينفذ إلا بعد الوضع".

١٧٤- كيفية الاستيفاء: لا يستوفى القصاص إلا بالسيف عند أبى حنيفة، ورواية عن أحمد، سواء كان الجانى قتل بسيف أم بغير سيف، وسواء كان القتل نتيجة لحز الرقبة أم لسراية جراح، أو نتيجة الخنق أو التغريق أو التحريق، أو غير ذلك وحجة القائلين بهذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا قود إلا بالسيف" والقود هو القصاص، والقصاص هو الاستيفاء، فمعنى الحديث نفى القصاص بغير السيف.

وإذا كان الموت نتيجة قطع اتصلت به السراية، فالقود بالسيف؛ لأنه تبين أن فعل الجانى وقع قتلاً من وقت وجوده فلا يقتص منه إلا بالقتل؛ لأنه


(١) الشرح الكبير ج٩ ص٣٩٤ وما بعدها , نهاية المحتاج ج٧ ص٢٨٨ , ٢٨٩ , مواهب الجليل ج٦ ص٢٥٣ , شرح فتح القدير ج٤ ص١٣٠ , بدائع الصنائع ج٧ ص٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>