للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قطع عضوًا من الجانى لتحقق التماثل، ثم عاد فحز رقبته إذا لم يمت من القطع كان ذلك جمعًا بين القطع والحز، ولم يكن مجازاة بالمثل، ولا يعتبر حز الرقبة متممًا للقطع؛ لأن المتمم للشىء يكون من توابعه، والحز قتل وهو أقوى من القطع فليس من توابعه كذلك فإن القصاص فى النفس يقصد منه إتلاف النفس فإذا أمكن هذا بضرب العنق فلا يجوز إتلاف أطرافه، لأن إتلافها يعتبر تعذيبًا لا استيفاء.

وعلى هذا فمن قطع يد إنسان فمات، أو أجافه جائفة أو أوضحه مُوضِحة فمات فليس له أن يقطعه أو يجيفه أو يوضحه ثم يقتله - طبقًا لرأى أبى حنيفة وأحد رأيى أحمد - وله فقط أن يقتله بالسيف.

وإذا أراد الولى أن يقتص بغير السيف لا يمكَّن من ذلك، وإذا فعله عُزِّر لافتياته على السلطات العامة، إلا أنه يعتبر مستوفيًا لحقه فى القصاص بأى طريق قتله سواء قتله بالعصا أو الحجر أو ألقاه من سطح أو أرداه فى بئر أو ساق عليه دابة حتى مات، ونحو ذلك لأن القتل حقه، فإذا قتله فقد استوفى حقه إلا أنه يفتات إذا استوفى بغير السيف لاستيفائه بطريق غير مشروع فيعزر على هذا الافتيات (١) .

وعند مالك والشافعى وهو رواية عن أحمد (٢) : أن القاتل أهل لأن يفعل به كما فعل، فإذا قتل بالسيف لم يقتص منه إلا بالسيف لقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] ولأن السيف أوحى الآلات - أى أسرعها - فإذا قتل به واقتص بغيره أخذ فوق حقه لأن حقه فى القتل وقد قتل وعذب.

فإن أحرقه أو غرقه أو رماه بحجر أو رماه من شاهق أو ضربه بخشب أو حبسه أو منعه الطعام والشراب فمات، فللولى أن يقتص بمثل ذلك لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٢ , الشرح الكبير ج٩ ص٤٠٠ وما بعدها.
(٢) مواهب الجليل ج٦ ٢٢٥٦ , المهذب ج٢ ص١٩٩ , الشرح الكبير ج٩ ص٤٠٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>