للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرة حتى بانت اليد فلا قصاص فيه؛ لأن كل واحد منهم لم يقطع اليد ولم يشارك فى قطع جميعها، وإن كان فعل كل واحد منهم يمكن الاقتصاص فيه بمفرده اقتص منه (١) .

أما مالك ففرق بين حالة التمالؤ وعدم التمالؤ، فإن تمالئوا اقتص من كل منهم بقدر ما أحدثوا بالمجنى عليه سواء تميزت أفعال كل منهم أم لم تتميز، فإذا قلعوا عينه وقطعوا رجله ويده قلع لكل عينه وقطعت يده ورجله، أما إذا لم يكن تمالؤ فإن تميزت أفعالهم أخذ كل منهم بفعله، وإن لم تتميز أفعالهم فعليهم القصاص كما لو تمالؤوا، وهناك من يرى ألا قصاص عليهم وعليهم الدية (٢) .

ولا يشترط الشافعى وأحمد التمالؤ فيما دون النفس ويكفى التوافق للقصاص من الجميع.

٢٨٦- ثالثًا: أن يكون الفعل شبه عمد: يرى الشافعى وأحمد أن الجناية على ما دون النفس قد تكون عمدًا وقد تكون شبه عمد، فهى عمد إذا كان الفعل متعمدًا أو كان يؤدى غالبًا إلى النتيجة التى انتهى إليها، كمن ضرب غيره بسكين فقطع إصبعه أو بعصًا فكسر ذراعه أو أحدث برأسه تربنة.

وهى شبه عمد إذا كان الفعل متعمدًا ولكنه لا يؤدى غالبًا إلى النتيجة التى انتهى إليها، كمن لطم آخر ففقأ عينه أو رماه بحصاة فأحدثت ورمًا انتهى بموضحة. ويرتبان على تقسيم الجناية على ما دون النفس إلى عمد وشبه عمد أن القصاص يجب فى العمد فقط أما شبه العمد فيجب فيه الدية، وهما يسيران فى هذا التقسيم وفى ترتيب العقوبة على ما سارا عليه فى الجناية على النفس (٣) .

أما مالك وأبو حنيفة فيريان أن الجناية على ما دون النفس لا تكون إلا عمدًا لأن مالك لا يعترف بشبه العمد والفعل عنده إما عمد أو خطأ، ولأن أبا حنيفة يرى أن ما دون النفس لا يقصد إتلافه بآلة دون أخرى فاستوت فيه


(١) المغنى ج٩ ص٣٧٠ وما بعدها , المهذب ج٢ ص١٩٠.
(٢) شرح الدردير ج٤ ص٢٢٢.
(٣) الشرح الكبير ج٩ ص٤٢٨ , الأم ج٦ ص٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>