للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانضمت إليه بريطانيا وأمريكا، وقد كانت الضغوط لحشد الدول العربية في حظيرة الحلف ملحمة تاريخية فاشلة «١» . غير أن الحلف في نطاقه الضيق الذي انتهى إليه، فقد فعاليته وبدأ البحث عن وريث له وهو على قيد الحياة» «٢» .

كان حلف بغداد قد أنشئ سنة (١٩٥٥ م) ، وبعد قيام ثورة العراق سنة (١٩٥٨ م) انسحبت منه، وتحول اسمه إلى الحلف المركزي، ثم سقط وانتهى إلى الإهمال كما يقول الرئيس نيكسون «٣» .

وكان البديل الذي قدمته أمريكا لهذه الأحلاف السابقة الفاشلة هو ما سمي بمشروع أيزنهاور، الذي قدم سنة (١٩٥٧ م) لملأ الفراغ الذي قيل: إنه نشأ في الشرق الأوسط بعد هزيمة بريطانيا وضياع هيبتها بعد حرب السويس سنة (١٩٥٦ م) وخروجها من المنطقة، بيد أن مصير هذا المشروع لم يكن أحسن حظّا من سابقه، فلقي المصير نفسه، ودفن المورث والموروث معا في وقت واحد، على حد تعبير الدكتور جمال حمدان «٤» .

خلاصة ما تقدم: أن الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة قد حاولت باستماتة حشد العالم الإسلامي خلفها في صراعها مع الكتلة الشرقية الشيوعية، واستثمرات في ذلك مبدأ الجهاد الإسلامي- الذي طالما شوهته وأدانته- وجاءتها فرصة أخرى من الفرص التاريخية النادرة، التي غيرت التاريخ، وذلك حين اجتاحت القوات السوفيتية- نحو مائة ألف جندي- أفغانستان في نهاية سنة (١٩٧٩ م) ، بهدف إيقاف المد الإسلامي، الذي بدأ ينطلق من أفغانستان، بتأثير الثورة الإسلامية التي تفجرت في إيران في مطلع سنة (١٩٧٩ م) ذلك أن الاتحاد السوفيتي خشي من ذلك المد الإسلامي على الجمهوريات السوفيتية الإسلامية في آسيا الوسطى «٥» .

والحقيقة أن الاتحاد السوفيتي كان أقام سلسلة من الانقلابات العسكرية في أفغانستان منذ بداية السبعينيات من هذا القرن ونصب عليها عددا من عملائه


(١) قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بدور بارز في إسقاط حلف بغداد.
(٢) د. جمال حمدان، المرجع السابق (ص ١٤٨، ١٤٩) .
(٣) راجع كتاب الرئيس نيكسون (ص ٥٥) .
(٤) المرجع السابق (ص ١٤٩) وانظر كتاب نيكسون (ص ٥٥) .
(٥) هذه الجمهوريات التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي هي كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان وقيرغيرستان.

<<  <   >  >>