للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعالم الإسلامي مندرجا في إطار بلاد العالم الثالث، سواء من الناحية الجغرافية، أو من الناحية التاريخية، وأحيانا يأتي ذكر الإسلام والمسلمين كحضارة من الحضارات، أو كتيار من التيارات الدينية والأيديولوجية التي عرفتها الإنسانية عبر التاريخ، والمنتشرة حاليا في العالم، وكثيرا ما يأتي ذكر الإسلام في إطار توزيع الثروات الطبيعية في العالم، ويقترن ذكر الإسلام والمسلمين بالبلاد المنتجة للنفط؛ لأن معظمها يدين بالدين الإسلامي، ولقد لاحظنا أن معظم المناهج الدراسية في الدول الأوربية تجعل من أوربا المحور الذي تدور حوله الأحداث التاريخية المهمة، ولا تعرض كتب التاريخ ما جرى من أحداث تاريخية مهمة في دول الجنوب أو في منطقة الشرق الأوسط، وقارتي آسيا وإفريقيا، فالاهتمام كله منصب على أوربا وتاريخها القديم والحديث، أما الأحداث التاريخية المهمة، التي تعتبر علامات ثابتة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية فيتم إغفالها تماما، ويتم التركيز فقط على بعض الأحداث غير ذات الأهمية، والتي تبرز تفوق أوربا وانتصارها على المسلمين.

لقد قمنا عام (١٩٩٤ م) بإجراء دراسة مقارنة باللغة الفرنسية عن صورة المسلم في كتب التاريخ المدرسية في بعض دول البحر الأبيض المتوسط: فرنسا وأسبانيا واليونان، تحت إشراف اليونيسكو، وقد اهتممنا في هذه الدراسة بكتب التاريخ في نهاية المرحلة الابتدائية، وجاء في نتائج البحث أن التاريخ الذي يتم تدريسه للتلاميذ الأوربيين الصغار يعلمنا أشياء مختلفة تماما عما يتم تدريسه للتلاميذ العرب المسلمين في مدارس جنوب البحر الأبيض المتوسط، كما لا يتم عرض المفاهيم الإسلامية بأسلوب علمي، فنجد أن نبي الإسلام صلّى الله عليه وسلم يتم تقديمه أحيانا على أنه رسول، وأحيانا على أنه شاعر ملهم يرى رؤى خارقة، ولهذا الغرض يستخدم مؤلف الكتاب المدرسي صيغة فعل الشك والهدف من وراء ذلك هو زرع الشك في نفوس صغار التلاميذ في مصداقية الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم، ولقد لاحظنا أثناء إجراء هذه الدراسة عن صورة المسلم في المناهج الأروبية، أنه في أغلب الأحيان يبدأ الحديث عن الإسلام بذكرى الانتشار السريع المخيف للإسلام من خلال الفتوحات الإسلامية، في القرنين السابع والثامن الميلاديين، وكيف أن جيوش المسلمين الزاحفة على أوربا اكتسحت تلك البلاد، واستولت عليها بقوة السيف، وأذلت أهلها، ونهبت أموالهم وثرواتهم، حتى كانت هزيمة المسلمين على يد شارل مارتال؛ القائد الفرنسي في معركة بواتية في جنوب فرنسا عام (٧٣٢ م) ، أما أهم فصل فهو الفصل الخاص

<<  <   >  >>