بالحروب الصليبية، فإن هذه المناهج تصور الحروب الصليبية على أنها حروب كان الهدف الأساسي منها هو تحرير بيت المقدس من أيدي «الكفار» ، أي المسلمين الذين كانوا- حسب ادعاء الأوربيين- يحتلونها، ويسيؤون معاملة المسيحيين الشرقيين، أي: المقيمين في الشرق الأوسط، وكذلك يسيؤون معاملة الحجاج المسيحيين القادمين من أوربا، لزيارة الأماكن المقدسة المسيحية في القدس، وهذا الوصف يجعلنا نشعر بأن الأوربيين مصرون على تصوير المسلمين على أنهم كفار مثلما كانوا يطلقون عليهم في القرون الوسطى، فلا يوجد أي تعليق على هذا اللفظ سوى وضعه بين قوسين؛ ليفهم التلميذ أن اللفظ منقول كما هو من مصدر ما؛ أي: أنه دون محاولة من مؤلف الكتاب المدرسي لتصحيح هذا المفهوم الخاطئ عن المسلمين؛ كذلك أغفلت المناهج الدراسية الغربية التنديد بوحشية الصليبيين، وعدم تسامحهم مع سكان بيت المقدس، حين انتزعوها من أيدي المسلمين عام (١٠٩٩ م) ، بينما التاريخ العالمي والموسوعات العلمية الكبرى اعترفت بأن الصليبيين ذبحوا أكثر من ٧٠ ألف من المدنيين؛ من أهالي القدس دون تمييز بين النساء والأطفال والشيوخ، أو بين مسلمين ويهود ومسيحيين، كذلك لزمت المناهج الدراسية الغربية الصمت التام، أو الإغفال التام لتسامح المسلمين، حين استعاد المسلمون القدس عام (١١٨٧ م) على يد القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، الذي أصدر العفو العام على كل الأهالي- المسيحيين الغربيين- وهذا إغفال متعمد، لإخفاء الحقائق التاريخية، التي سجلها التاريخ، وغني عن القول أن الدافع وراء هذا الإغفال هو تشويه صورة المسلمين في ذهن التلاميذ الغربيين، والإصرار على عدم تصحيح المفهوم الخاطئ الذي ترسب في عقول التلاميذ، وما زال عالقا بها حتى اليوم، ولعل أكثر الأمثلة دلالة على ظاهرة الإغفال المتعمد هو إغفال المناهج الدارسية الغربية الاعتراف بفضل الفلاسفة والعلماء العرب المسلمين على النهضة الأوربية في القرن الخامس عشر الميلادي، ونادرا ما تذكر المناهج الدارسية اعترافا بدين أوربا تجاه علماء المسلمين؛ من أمثال ابن رشد، وابن المقفع، والخوارزمي، وابن سينا، وابن النفيس، والذين كانوا منذ القرن التاسع أساتذة ومعلمي أوربا بأسرها.
منهجية تصحيح صورة الإسلام في الغرب: يجب على المسلمين اليوم أن يحرصوا