للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عوف، وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي عبيدة بن الجراح، وحمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب- رضي الله عنهم جميعا- وغيرهم من السابقين، مع إسلام هذه الشخصيات ذات المكانة الرفيعة في مكة، وذات الحسب والنسب في قريش، ومع اعتزاز الإسلام بهذه الشخصيات- خصوصا حمزة وعمر- مع كل ذلك ففي خلال ثلاثة عشر عاما في مكة- قبل الهجرة- لم يزد عدد المسلمين عن بضع عشرات من المسلمين، ضيّق عليهم مشركو قريش غاية الضيق، وآذوهم أشد الإيذاء.

ولما هاجر المسلمون إلى المدينة، وأصبحوا آمنين على أنفسهم ودعوتهم، ووجدوا في الأنصار من أهل المدينة عونا وساعدا، وكرما وإيثارا، مع كل هذا ظلّت حركة الدخول في الإسلام محدودة؛ لأن العرب لا يزالون ينتظرون ويتربّصون موقف قريش من الإسلام. ففي معركة بدر الكبرى- مثلا وهي أول معركة عسكرية بين المسلمين وقريش، والتي كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة، كان عدد جند الله الذين قادهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في هذه المعركة أكثر قليلا من الثلاثمائة- «١» وهم معظم المسلمين عندئذ.

وفي الحديبية- في ذي القعدة (سنة ٦ للهجرة) - كان عدد الذين ساروا خلف الرسول صلّى الله عليه وسلم لزيارة البيت، والذين بايعوه تحت الشجرة- عندما تأزّم الموقف بينهم وبين قريش- كان عدد هؤلاء المسلمين (١٤٠٠) حسب رواية أغلب المؤرخين «٢» .

يعني نحن الآن في العام العشرين من عمر الدعوة الإسلامية، وهذا هو عدد المسلمين. فانظر ماذا حدث بعد صلح الحديبية مع قريش؟ تضاعف عدد المسلمين عدة مرات في أقل من عامين، فقد كان عدد جيش النبي صلّى الله عليه وسلم الذي دخل به مكة عام الفتح في رمضان من السنة الثامنة عشرة آلاف مسلم «٣» . فما السر في زيادة عدد المسلمين هذه الزيادة الكبيرة في هذه المدة القصيرة؟ السّرّ يكمن في موقف قريش فقد هادنت قريش الإسلام، وصالحها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ووضعت الحرب معها


(١) انظر ابن سعد- الطبقات الكبرى (٢/ ١١) وما بعدها- وكذلك ابن هشام (٢/ ٢٤٣) وما بعدها.
(٢) انظر ابن سعد- الطبقات الكبرى (٢/ ٩٥) .
(٣) ابن سعد- الطبقات الكبرى (٢/ ١٣٥) .

<<  <   >  >>