للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعا إبراهيم -عليه السلام- الأقرب إليه، والأهم للدعوة؛ ولذلك نراه يدعو أباه، و"النمرود بن كنعان" كما دعا عامة الناس، وكان لكل من هؤلاء معه أحداث وأحاديث.

أخذ إبراهيم -عليه السلام- في تغيير وسائله في دعوة قومه، حتى وصل إلى تكسير أصنامهم قطعا صغيرة، وترك الصنم الكبير بعدما وضع المعول في رأسه، وسأله قومه، وحاكموه، وأصدروا حكما بتحريقه في النار، وأعدوا له عدة، ولكن الله أخزاهم بأن جعل النار عليه بردا وسلاما، ونجاه الله من التحريق.

بعدما تيقن إبراهيم -عليه السلام- عدم إيمان قومه هاجر إلى حيث أمره الله تعالى، واصطحب معه زوجته سارة، وابن أخيه لوطا، وأباه تارح، وسار بركبه حتى نزل ببلاد الشام، وأقام بـ "حران" التابعة للكنعانيين، ونزل قحط ببلاد الشلام، فخرج إبراهيم منها ومعه سارة، وذهبوا إلى مصر، وحاول ملك مصر الاعتداء على سارة لحسنها وجمالها، إلا أن الله حفظها منه وجعله يهبها هاجر، ويروي البخاري بسنده عن أبي هريرة "أن إبراهيم -عليه السلام- لما نزل بمصر، وكان فيها جبار من الجبابرة، فقيل له: ههنا رجل معه امرأة من أحسن الناس, فأرسل إلى إبراهيم وسأله عنها وقال: من هي؟ قال إبراهيم: هي أختي, وأتى إبراهيم سارة، وقال لها: ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإن هذا سألني فأخبريه أنك أختي، فأرسل إليهما, فلما دخلت عليه، ذهب يتناولها بيده فأخذ، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله فأطلق, وتكرر منه ذلك، وفي الثالثة دعا بعض حجابه وقال له: إنك لم تأتني بإنسان وإنما أتيتني بشيطان، وأخدمها هاجر, فأتت إبراهيم وهو قائم يصلي ... فأومأ بيده: مهيم؟ قالت: رد الله كيد الكافر في نحره، قال أبو هريرة: تلك أمكم يا بني ماء السماء"١.


١ صحيح البخاري بشرح فتح الباري ج٦، ص٣٨٨, كتاب الأنبياء، ومهيم معناها: ما الخبر؟

<<  <   >  >>