للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الركيزة الثانية: أساسيات الحركة بالدعوة]

الدعوة الدينية تعاليم إلهية منزلة، معقولة المعنى، تحتاج إلى شخص يتحرك بها ويوصلها للناس في إطار خطة سليمة، بوسائل قادرة على الوصول للمدعوِّين، وبأساليب تبين، وتحاول، وتؤثر، وتقنع، وبعد ذلك يكون الناس أحرارا، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر.

وبتتبع الأحداث في تاريخ قوم نوح يظهر ذلك بجلاء، فنوح -عليه السلام- رسول صنعه الله تعالى للرسالة، وكلفه بها، واختاره لها، عن علم وحكمة، فهو -عليه السلام- جامع لكل صفات الكمال التي يحتاج إليها الرسول الداعية، يتضح ذلك من عميق توجيهاته, فهو يحدثهم عن الله حديث عارف به، يقول لهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ١.

ونوح -عليه السلام- مؤمن بما يدعو إليه، موقن بصدقه؛ ولذلك استمر يدعوهم هذه المدة الطويلة بلا كَلَل، ولا مَلَل، متصفا بكل كمال يحتاجه الدعاة، من عزيمة قوية، وصبر شديد، وسماحة وعفو، وأناة ورَوِيَّة، وتحمل للمشاق والمصاعب، ورغبة مستمرة في النصح ونصرة الحق، لا يرجو من ذلك إلا رضا الله وأداء الواجب عليه.

وسار نوح -عليه السلام- في الدعوة على خطة منهجية واضحة, اعتمدت النقاط التالية:

أ- بيان ما بينه وبين الناس من مودة وقربى؛ لما لهذا من تحقيق مشاركة وجدانية متبادلة مع الناس، تساعد على السمع والطاعة، فهو يبدأ حديثه معهم بهذا النداء:


١ سورة نوح الآيات: ٣، ٤.

<<  <   >  >>