بعث هود -عليه السلام- لقبيلة متحضرة، تعيش حياة الرقي والمدنية؛ ولذلك يمكن الاستفادة بمنهجيتها في التعامل مع المدنيات الأخرى، والدروس المستفادة منها تعد ركائز للدعوة الإلهية، في كل زمان ومكان.
وسوف أتناول الحديث عن الركائز التالية:
[الركيزة الأولى: العقيدة أساس الدعوة]
دعا هود قومه، وطلب منهم تصحيح العقيدة، أساس الإيمان، وبين لهم أن العقيدة السليمة تحتاج إلى توحيد الله تعالى في ألوهيته وربوبيته، وهذا يقتضي منهم أن تكون عبادتهم، وتوجههم لله فقط، وترك عبادة الأصنام والأوثان؛ لأن عبادة غير الله صرف للعمل في غير وجهه، وإضاعة للوقت، والوقوع في الكفر والضلال، وذكّرهم بنعم الله فيهم، فهو سبحانه وتعالى زادهم في الخلق بسطة، وأمدهم بأنعام وبنين وجنات وعيون، وأعانهم على تشييد الأبنية ذات العماد التي لا نظير لها، وأعطاهم القوة التي تمكنهم من السيطرة والغَلَب. إن هذا كله من آلائه ونعمه التي تحتم عبادته؛ شكرا على العطاء، وطلبا للمزيد، وصرفا للنعمة فيما خلقت له, بمنهج الخالق المنعم.
وركز لهم على أدلة الخلق، والإبداع، والدقة، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده؛ لأنهم يعلمون أن الأصنام لا تضر, ولا تنفع؛ ليلزمهم بعبادة الضار، النافع، وهو الله سبحانه وتعالى، فله الأمر كله، وإليه يرجعون, فكان خطابه مفهوما، معقولا، يعيش مع حياتهم.