للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الاتجاه الثاني: التركيز على الرذائل المتفشية]

قامت الدعوات السماوية لإصلاح الفساد في جميع الجوانب، وبكافة الصور إلا أنها كانت تركز على الفساد المتفشي في البيئة التي بعث فيها الرسول، ولعل أخطر فساد تفشى في البيئات كلها، وأخذ صبغة مشابهة، هو ضعة الإنسان، وتذلله أمام إله لا ينفع، ولا يضر، ورغم أن نظرة الأقوام إلى الأصنام مرتبطة بعقائدهم، إلا أن اتصالها بالأخلاق هام وخطير، ذلك لأنها لم تقدم قيما ولم تأمر بتصحيح خطأ، فبرزت سيئاتها في أخلاقهم بوضوح، ولذلك جاهد الرسل لنبذ هذه النظرة العقائدية أولا، والمتجهة إلى إفساد الأخلاق ثانيا.

ومن الأخطاء التي ركز عليها الرسل، وأبرزها القرآن الكريم على سبيل المثال ما كان من قوم شعيب حيث كانوا يطففون الكيل والميزان فإذا اكتلوا على الناس يستوفون وإن أعطوهم يخسرون، فأتاهم شعيب لإصلاح هذا الخطأ وقال لهم: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} ١، ومثل هذا النداء تكرر في قصص القرآن الكريم مع شعيب عليه السلام.

ومنها كذلك ما كان من قوم لوط عليه السلام، حيث كانوا يأتون الذكران من العالمين، ويتركون النساء، وقد تفشى فيهم هذا الداء، لدرجة أنهم كانوا يؤتونه على أعين الناس من غير استحياء مع أنهم لم يسبقوا بمثله، فقال لوط: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} ٢، وقد تكررت تفاصيل فاحشة


١ سورة هود آية "٨٥".
٢ سورة الأعراف الآيات "٨٠، ٨١".

<<  <   >  >>