الدعوة تغيير شامل للحياة، وصناعة ربانية للأفراد والجماعات، إنها لا تترك شخصا لهواه، ولا تدع جماعة تفسد في الأرض، وتعمل على هزيمة إبليس وبنيه، وتزيل وساوسهم، وغواياتهم من القلوب، والعقول.
إن الدعوة تجعل الحاكم مسئولا عن رعيته، وتحدد عمله في حماية الدين، وصيانة الدنيا ... ولا مجال في الدين الحق لتأليه حاكم، أو لتركه يطغى، أو يتجبر، أو يفسد، أو يستذل الناس ويهينهم؛ لأنها تحدد له المنهج، وترسم له الطريق، وتقيده بالوحى الإلهي الذي أنزله الله على رسله عليهم السلام.
والدعوة تحدد للناس حقوقهم، وواجباتهم، مع اختلافهم في الثقافة، أو في المال، أو في العمل، أو في الجنس، أو في اللون، أو في الدين ... وهكذا.
وهذه الغايات الكبرى التي يعمل لها الدين تجعل المهمة شاقة، والنجاح أمرا صعبا؛ ولذلك وجب الاستعداد للدعوة، وقد رأينا موسى -عليه السلام- يطلب من الله أمورا تساعده في تبليغ الدعوة.
وأهم ما يحتاجه القائمون بالدعوة ما يلي:
١- قوة العقيدة: يحتاج مبلغو الدعوة من الرسل والدعاة إلى عقيدة قوية؛ لأنهم يعملون على تقويتها في حياة الناس، ولا يمكن للدعاة أن يصلوا إلى ذلك إلا إذا اتصفوا هم بها أولا؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن المعلوم أن الدعوة العملية أبلغ تأثيرا من الدعوة النظرية، وما خرج من القلب الصادق يصل إلى قلوب الآخرين.
٢- امتلاك صفات القيادة: تحتاج القيادة إلى صفات يتمتع بها القائد الحسن والأنبياء، والدعاة قواد في مجتمعهم، ورواد يأخذون بيد الناس إلى ما يعملون له، وأهم صفات القيادة تتمثل في الشجاعة؛ ليتمكن القائد من توجيه الدعوة الدينية إلى الناس، بلا خوف أو فزع، ويتمتع برباطة الجأش، وقوة العزيمة، وبهذا يتمكن من التعامل مع الواقع بهدوء وروية، وقد تسلح موسى -عليه السلام- بخلق الشجاعة، والجرأة في مواجهة فرعون بسلطانه، وهيبته.