أرسل الله شعيبا -عليه السلام- إلى قومه مدين، وهي قبيلة عربية تسكن في "معان" الواقعة بين الشام والحجاز.
وقد سكن بينهم شعيب بعد هجرته من أرض "بابل", وأتقن لغتهم؛ فصار واحدا منهم.
وقد أنعم الله على "مدين" بنعم عديدة، أشار إليها قوله تعالى:{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} وهذه الكثرة بعد القلة شاملة لعددهم, ولمعاشهم، وكافة جوانب حياتهم.
فلقد كانوا عددا قليلا فصاروا شعبا عريضا، وكانوا ضعفاء فصاروا قوة يقعدون للناس بكل طريق، وكانوا فقراء فصاروا أغنياء، يعملون ويتصرفون في نتاج بساتينهم بالبيع والشراء.
وكان لهم في مجال التجارة سبق وتفوق، وكان موقع قراهم سببا لهذا التفوق حيث تروح القوافل, وتغدو محمَّلة بألوان التجارات صيفا وشتاء.
ومع هذه النعم السابغة كفر القوم بالله، وأشركوا معه آلهة أخرى، وعبدوها من دونه سبحانه وتعالى.
وشاع فيهم الفساد، وشمل معاملاتهم وأخلاقهم، ومن صور فسادهم:
١- التطفيف في الكيل والميزان، فكانوا إذا اشتروا مكيلا أو موزونا استوفوه، وإذا باعوه أنقصوه.
٢- بخس الناس حقوقهم, والبخس أعم من التطفيف؛ لأنه يشمل المعدود، والغش، والحيل، وإنقاص ما للآخرين، والتعدي على كافة الحقوق المادية والمعنوية.