بعث الله رسله إلى الناس، وجاء كل رسول إلى قومه، يدعوهم إلى توحيد الله تعالى، وقصر العبادة له، والتخلق بالأخلاق الفاضلة.... وقد سلك كل رسول في دعوته منهجا دقيقا، واستفاد بكل ما مكنه الله من وسيلة، وأسلوب.
واستقبل الأقوام رسلهم استقبالا سيئا، فلم يسمعوا لهم، ولم يصدقوا دعوتهم، وأخذوا في الجدل، والمعارضة.
ومع أن الرسل عليهم السلام كانوا موضوعيين في التبليغ، يركزون الدعوة على قضايا الدين بتوضيح حقائقه، والتدليل على ما يطلبون، بالحكمة، والموعظة الحسنة بكل صدق في النصح، وبكل خلق في الدعوة والطلب..... مع ذلك أخذ الناس في مواجهة الرسل بطرق غوغائية قائمة على السب، والشتم، واتهام الرسول في شخصه وعمله.
وكان أكبر ما وجهوه للرسل، الاعتراض على رسالتهم، ورأوا أن ذلك هو أيسر الطرق لإلغاء الدعوة بالكلية؛ لأنهم لو تمكنوا من إلغاء الرسالة لا يبقى شيء بعدها.
وحاولوا أن يضعوا الإلغاء في صورة علمية منظمة، مؤيدة بالدليل ...
قالوا -أولا- لا يصح أن يكون الرسول بشرا، لما يتصف به البشر من عجز، وطبع، فهو مكون من مادة، وروح، ولذلك تتملكه غريزتا الشهوة، والغضب، ويأتي منه الفساد والاختلاف، ويشغله إشباع نفسه فهو يأكل الطعام، ويمشي في الأسوق، وتشغله الحياة بمشاكلها، وحاجاتها.