للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع: إثبات البعث]

يوم القيامة وما فيه، من فوز للمطيعين، وعقاب للعصاة، بعد بعث الخلائق وحسابهم، أمر أجمعت الدعوات على تأكيد إثباته، حتى يشعر الإنسان بالمسئولية الدائمة في كل شيء، ويعلم أن كل ما يفعله في حياته الدنيا سوف يلقاه في الآخرة، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

ولما كان الإنسان بفطرته يحس أن حياته ليست جسدا فقط، ينتهي بالموت، بل إن له من الجسد روحا لا تفنى، ولكنها تنتقل إلى مكان آخر، تسعد فيه أو تشقى وتنعم بأعمالها أو تعذب.

إن الإنسان بفطرته، أدرك ضرورة البعث والحساب، تمييزا للخبيث من الطيب، ووضع للحساب تصورات عديدة، وأفكارا كثيرة.

هذا الإحسان الفطري عند الناس كان أساسا أكدته جميع الرسالات السماوية، ووضحته بنصوصها المقدسة، وبينت أن البعث الأخروي، أمر مؤكد، وأنه في يوم القيامة سوف يحاسب الجميع بأعمالهم، ويجزون على الطاعة، ثوابا خالدا ونعيما مقيما، وعلى العصيان العذاب والألم.

وكان صوت الرسالات دائما يهتم بالبعث ويثبته، هذا هو سيدنا نوح عليه السلام منذ اللحظات الأولى في دعوته، يبين لقومه أنه يخاف عليهم من يوم القيامة حيث يبعث الناس، ويعذب العصاة الكافرين، فقال لهم: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ١، وقال: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} ٢،وبهذا خوفهم من عذاب عظيم، مؤلم، نازل على الطغاة والظالمين، الذين لا يوحدون الله


١ سورة الأعراف آية "٥٩".
٢ سورة هود آية "٢٦".

<<  <   >  >>