بمراجعة آيات القرآن الكريم وهي تتحدث عن دعوة إبراهيم -عليه السلام- نرى استعمال إبراهيم -عليه السلام- لعدد من الأساليب، وأهمها أسلوب الاستفهام؛ فلقد استعمله في خطاب أبيه، ومناقشة عبدة الأصنام، واستعمله مع ابنه إسماعيل حين سأله عن الذبح وقال له:{مَاذَا تَرَى} ؟
إن الاستفهام يرد للإنكار، وللتقرير، وللتعجب، كما يرد للبحث عن الحقيقة، وهو في كل أحواله مفيد؛ لأنه يحرك عقل طرفي النقاش حول البحث عن غاية السؤال وإجابته، ويجعل كل طرف يبرز ما لديه من فكرة يراها صحيحة، وقد يقدم الاستفهام دليلا مقنعا؛ لأن المسئول إذا عجز عن الإجابة, فقد يسلم بما يريده السائل، ويرضى بفكرته.
ولذلك فإنه أسلوب يحتاج إلى فطنة حامل الرسالة؛ ليختار من الأسئلة ما يحرك المشاعر، ويظهر الحق.
ومن أمثلة فطنة إبراهيم -عليه السلام- مع استفهاماته قوله:
فهذه أسئلة يعرفون إجابتها؛ لأنهم يصنعون الأصنام بأيديهم، وينحتونها في مصانعهم، ويبيعونها للناس، ويعبدونها معهم بعد أن يطلقوا عليها أسماء الآلهة من عند أنفسهم؛ ولذلك فإن السؤال حينئذ إنكار قوي لتأليه الأصنام، وضرورة إعمال العقل، وتوجيه السؤال في هذا المجال أسلوب حسن في الدعوة.