كان عليه السلام يراقب رعيته، ويرعى مصالحهم، ويقدم لهم ما يحتاجون إليه في معاشهم.
وقد رأينا عمل الجن، والريح، والنحاس المذاب، في حياة بني إسرائيل، فلقد صنع لهم حضارة، وحقق لهم كل ما يريحهم، ويسر معاشهم.
كان عليه السلام يتفقد أحوال الرعية، ويبحث عن حاجاتهم ليقضيها لهم، فهو عليه السلام سمع صوت النملة وهي تحذر إخوانها من بطش جنوده، وتطلب منهم اللجوء إلى المساكن, فسر بذلك.
ومع الهدهد، نجد أنه -عليه السلام- تفقد الطير، فلم يجده، فأنذره بالعقوبة، ثم قبل عذره لما وجده محقا في غيابه.
وكان يتفقد الخيل، ويستعرضها أمامه، ويأمر جنوده برعايتها، وقد أمرهم بإرجاعها إليه، بعد أن أخذوها بعيدة عنه؛ ليمسح أعناقها وقوائمها بيده الشريفة، يقول الله تعالى:{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ، فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ، رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} ١، ومعنى الآيات أنه استعرض الخيل عشاء، وهي من أجود أصناف الخيل؛ لأنها من الصافنات الجياد، أي: التي ترفع إحدى اليدين، وتقوم على ثلاثة أطراف فقط، وهي خيل سريعة المشي، واسعة الخطا، وبعد الاستعراض دعا الخيل مرة أخرى، وأخذ يلاطفها، ويروضها، ويمسح أعناقها، وسيقانها؛ تشريفا وتعظيما لشأنها، وقوتها، وحتى يعرف ما بها من تعب أو مرض.
ومعنى قوله تعالى:{رُدُّوهَا عَلَيَّ} : أرجعوها إلي مرة أخرى, قائلا: إني أحببت هذه الخيل؛ لأنها تذكرني بربي، وتعينني على الجهاد في سبيله، وأريد أن أطمئن عليها,