للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحادثة الثانية: ولادة يحيى]

كانت زوجة زكريا عليه السلام عقيما لا تلد، وكبر زكريا، ولم يرزق بولد، ونظر حوله فرأى أن الموالى ليسوا بأمناء على دين الله تعالى: فتمنى في نفسه ولدا من صلبه يرث النبوة، ويكون امتدادا لآل يعقوب عليه السلام، ويكون محل توفيق الله، ورضاه.

ولم يجد إلا الله يحقق له هذه الأمنية، وبخاصة أنه رأى مريم تتمتع بالرزق الوفير من غير عمل، أو جهد، يأتيها من الله تعالى، القادر العظيم، حينما رأى فضل الله على مريم اتجه إلى الله بالدعاء، وطلب منه الولد، يقول الله تعالى: {كهيعص، ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا، إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا، قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} ١.

والآيات واضحة في أن الله أنزل رحمته بزكريا عليه السلام، حين دعاه وحيدا، لا يسمعه إلا الله، وطلب منه أن يرزقه وليا، يرثه مع كبر سنه، وعقم زوجته، فليس هناك مستحيل على قدرة الله تعالى، وتمنى زكريا أن يكون ولده محل رضى الله وقبوله، يقول تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} ٢، ويقول سبحانه: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} ٣.


١ سورة مريم الآيات "١-٦".
٢ سورة آل عمران آية "٣٨".
٣ سورة الأنبياء آية "٨٩".

<<  <   >  >>