سأل سليمان -عليه السلام- ربه أن يهب له ملكا، لا يناله أحد بعده، وبالضرورة لم يشاهده أحد قبله، فاستجاب الله له، وأقام له ملكا عريضا، وحضارة راقية، تعتمد على خوارق العادات التي وهبها الله لسليمان عليه السلام.
وكان على الإسرائيليين أن يتذكروا فضل الله عليهم، وأن يعلموا أن هذه المعجزات لم تظهر لأمة سابقة، ولن تظهر لأمة لاحقة، وأنهم بها تمكنوا من الحياة في إطار أرقى حضارة عرفتها البشرية.
لقد كانت المعجزات الحسية في مجملها تأتي مؤقتة، تبهر العقول، وتؤدي وظيفة معينة وتنتهي، كطوفان نوح -عليه السلام- ونار إبراهيم -عليه السلام- وعصا موسى -عليه السلام- وغيرها.... أما معجزات سليمان -عليه السلام- فكانت تصنع حضارة، وتستمر مع سليمان لا تنقطع عنه ما دام حيا، وفي نفس الوقت ينتفع بها كل إسرائيلي يعيش في مملكة سليمان عليه السلام.
إن هذا البروز الواضح لمعجزات سليمان -عليه السلام- ذات النفع المادي الشامل, يتناسب مع العقلية الإسرائيلية في ماديتها، ونفعيتها، واتكالها، وحاجتها الدائمة إلى قوة ليست منهم، تساعدهم، وتعينهم، وترفع شأنهم في أعين الآخرين.
١- تسخير الريح:
يقول الله تعالى:{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} ١، ويقول تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ