يعتبر إبراهيم -عليه السلام- شخصية مثالية في مجال الدعوة إلى الله تعالى، فهو عليه السلام كمل إيمانه بالله تعالى، ووصل فيه إلى حد العلم الواضح, واليقين التام، وبذلك صار متمكنا من نقل الإيمان إلى غيره، ومن المعلوم أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يتصور أن يكمل الناقص غيره أبدا، يقول الله تعالى:{وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} يفسر العلماء هذه الآية, فيوضحون أن {إِذْ} ظرفية، ومعنى الآية: أرسلنا إبراهيم لقومه وقت أن صار قادرا على مخاطبة قومه، وتكميلهم بما أرسل به.
والكمال الإيماني عند إبراهيم -عليه السلام- واضح في سيرته كلها، فقد واجه قومه في بابل، وعرفهم بالله، الواحد، الأحد، المتصف بكل كمال، المتحكم في كل أمر وإليه المرجع والمآب.
يروى أنه لما ألقي به في النار, جاءه جبريل -عليه السلام- وسأله: ألك حاجة؟ فرد عليه: أما إليك فلا, وأما إلى الله فعلمه بحالي يغني عن سؤالي.
ونجاه الله من النار، وأمره بالهجرة من موطنه، فأطاع ربه:{وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} وحط رحله في المكان الذي حدده الله له. ولما رُزق بإسماعيل في شيخوخته تعلق بولده الوحيد البكر، وحينئذ أمره الله تعالى بإسكانه مكانا قفرا، خاليا من النبات، والماء، والناس, فأطاع ربه، وأسكن ولده وأمه هاجر في مكان مكة الحالية طاعة لله تعالى، وقفل راجعا إلى الشام حيث إقامته مع سارة زوجته الأولى، لقد تركهم بجسده وعايشهم بعقله وعواطفه، يروى أنه -عليه السلام- لما وصل عند