للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} ١، وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ٢.

وإبراهيم -عليه السلام- أسوة حسنة في كل مجال، وبخاصة في الطاعة والانقياد؛ لأنه -عليه السلام- لما رُزق بإسماعيل من هاجر تعلق قلبه به فغارت سارة، وطلبت أن يسكن هاجر وولدها بعيدا عنها، فاستجاب لطلبها، وكلفه الله تعالى أن يضعهما في مكان صحراوي، حدده له، هو مكان البيت الحرام بمكة، فذهب بهما إليه راضيا بأمر الله وترك لهما بعض الماء والسقاء، وقفل راجعا من حيث أتى، فتعلقت هاجر بثيابه وقالت له: آلله أمرك بهذا؟ فقال لها: نعم ... فقالت: إذًا لا يضيعنا.

ترك إبراهيم ولده البكر في مكان قفر، ورجع إلى الشام مطيعا لأمر الله، راضيا بقضائه فيه، يروي البخاري بسنده أن إبراهيم بعدما انطلق وقف عند الثنية حيث لا يرونه، واستقبل بوجهه البيت، ورفع يده وقال: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} ٣.

واستجاب الله دعاءه، إذ بعدما نفد الماء والطعام الذي تركه إبراهيم، جعل الغلام يتلوى، فانطلقت أمه تبحث عن الماء، أو عن منقذ لهما، وحتى لا ترى وليدها يتألم، صعدت على الصفا أقرب جبل إليها، ونظرت في الوادي خلفه فلم تجد شيئا، فجرت إلى المروة فلم تجد شيئا, فرجعت إلى الصفا ثم إلى المروة هكذا سبع مرات، ثم نظرت إلى وليدها, فإذا بالملك عنده يبحث بجناحه حتى ظهر ماء زمزم، فعادت إليه، وشربت، وسقت وليدها ... ٤.


١ سورة النجم آية: ٣٧.
٢ سورة النحل آية: ١٢٠.
٣ سورة إبراهيم آية: ٣٧.
٤ البداية والنهاية ج١، ص١٥٥.

<<  <   >  >>