للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} ١، واتهموا لوطا -عليه السلام- بأنه يفسد الناس، وينشر بينهم السوء بدعوته، وتساءلوا منكرين: {قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ} ٢، أنكروا عليه اتصاله بالناس بعدما نهوه عن ذلك، مع أنه يتصل بهم داعيا إلى الخير، هاديا إلى الصراط المستقيم ...

وبلغ من وقاحتهم وجرأتهم، أنهم كانوا يأتون المنكر علانية، بلا حياء، ولما علموا بقدوم ضيوف لوط، أتوه مسرعين؛ لينالوا بغيتهم، قائلين للوط بعدما عرض الزواج ببناته، قال تعالى: {قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} ٣، وكأن الشذوذ صار حقا معروفا لهم، وعليه أن يسلم به، ولا يعارضهم.

إن أعداء الدعوة اتهموا لوطا -عليه السلام- سَفَها منهم، بما يلي:

١- ملازمته للطهر والعفة، ودعوته إلى التمسك بهما، جريمة منكرة.

٢- دعوة لوط الناس إلى التوحيد وعبادة الله، دعوة إلى الفساد، والفرقة.

٣- اتصال لوط بالناس، وتحريضهم على نبذ الأصنام، وترك المنكرات، يعد إساءة للنظام.

هذا هو منطق أعداء الدعوة، يلبسون الباطل ثوب الحق، ويعتمدون على سلطانهم وبطشهم، وما دروا أن الله منفذ وعده وهو على كل شيء قدير.

وعلى الدعاة أن يتمسكوا بقضيتهم، ويدعوا إليها، بخلق، ولين، ويتحملوا كل هذه السفاهات بصبر، وعزيمة، وقد واجه لوط -عليه السلام- تهديد قومه له وللمؤمنين، وبين لهم أن الباطل لن يكون حقا أبدا، والجريمة هي الجريمة, والشذوذ مرفوض بالشرع والعقل، ولذلك هو يرفضه، ويدعو قومه إلى البعد عنه، كما قال تعالى: {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ، رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} ٤.


١ سورة الشعراء آية: ١٧٦.
٢ سورة الحجر آية: ٧٠.
٣ سورة هود آية: ٧٩.
٤ سورة الشعراء الآيات: ١٦٨, ١٦٩.

<<  <   >  >>