للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال لأصحاب الأيكة ما قاله لمدين، قال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} ١.

نراه عليه السلام يقرن بدعوة التوحيد الدعوة إلى الإيمان باليوم الآخر، من باب ترغيب الناس فيما ينتظرهم، ويذكرهم بالحساب ليستقيم سلوكهم.

ثم أخذ -ثانيا- يقدم الأدلة المؤيدة للدعوة، الشاهدة على أحقية الله بالعبادة وحده، قال لهم ما حكاه الله تعالى:

{وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} ٢.

{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} ٣.

يبين لهم عليه السلام أن الله -سبحانه وتعالى- خلقهم، وخلق الأجيال السابقة جميعا، وقد بارك لهم في كل ما خلق، وزاده كثرة وبركة، وها هي آيات الله تبين لهم صدق دعوته لهم عليه السلام، وعليهم أن يتدبروا في عاقبة الأمم التي سبقتهم ليعتبروا، وحتى لا يحل بهم ما حل بالأمم السابقة.

ثم ينتقل عليه السلام -ثالثا- إلى توجيههم نحو إصلاح معاملاتهم وأخلاقهم بعد فسادها وضلالها؛ ذلك لأن دين الله تعالى لا يفرق بين طهارة القلب، وطهارة السلوك، فلا بد لعباد الله المخلصين أن يطهروا قلوبهم بعقيدة التوحيد، وينظفوا جوارحهم وأخلاقهم بمنهج الله الواحد، وبذلك يستند الوجود كله إلى أصل ثابت هو الإيمان بالله تعالى، والصدق في عبادته، والتوجه إليه.


١ سورة الشعراء آيات: ١٧٧-١٧٩.
٢ سورة الشعراء آية: ١٨٤.
٣ سورة الأعراف آية: ٨٦.

<<  <   >  >>