للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وهو مجتمع يعرف شيئا عن دين الله الذي نقل إليهم من جيرانهم، وبخاصة أن الحكام لم يكونوا من الفراعنة، مدعي الألوهية؛ ولذلك تركوا الديانة المصرية القديمة، وبحثوا عن دين آخر، فأخذوا من جيرانهم بعض ما عندهم، وهو قدر لا يكفي في دين الله تعالى.

ندرك هذه اللمحات الدينية من قوله تعالى حكاية عن النسوة: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} ١ ... فهن يعرفن الله، ويعرفن الملائكة.

ومن حكاية قول العزيز لامرأته: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} ٢، فهو يعرف الاستغفار والتوبة.

ومن حكاية قول امرأة العزيز: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} ٣، فهي تعرف أن الهادي هو الله، وأن كيد الخائن إلى بوار، بأمر الله تعالى.

وقد ساعدت هذه اللمحات يوسف -عليه السلام- في نشر دعوة الله، حينما ولي الأمر في مصر بعد ذلك، ومكن لقومه بني إسرائيل.

- تميز المجتمع المصري بنظام سياسي متقدم، ففي الوقت الذي عاش جيرانهم في بداوة نجدهم يعرفون نظام الملك، وولاية العهد، والوزارات، والدواوين العديدة، وقد تولى يوسف -عليه السلام- بعد خروجه من السجن ولاية الأموال والأقوات يوزِّعها على المصريين، وعلى أهل البقاع المجاورة، وقد رأينا إخوة يوسف يأتون إلى مصر من أرض كنعان للحصول على القوت.


١ سورة يوسف آية: ٣١.
٢ سورة يوسف آية: ٢٩.
٣ سورة يوسف آية: ٥٢.

<<  <   >  >>