للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرد إخوة يوسف -عليه السلام- جزاؤه في شريعتنا أن يسترق سنة، وهلموا بالبحث، فمن وجد في رحله الصواع فالرق جزاؤه.

واستمر يوسف في تحقيق غرضه بحيلته تلك، قال تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} ١.

ومكن الله ليوسف بهذه الحيلة، حيث أجرى عقوبة شريعة يعقوب بإبقاء أخيه سنة كاملة؛ لأن شريعة ملك مصر كانت تقضي بالضرب والغرامة فقط ... وهنا قال إخوة يوسف له: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} ٢, وأرادوا بأخيه يوسف٣، فأسرها يوسف في نفسه ولم يظهر لهم تألمه من مقالتهم.

وحاول إخوة يوسف أن يخففوا عن أبيهم، فاقترحوا على الملك أن يطلق سراح أخيهم، ويأخذ أحدهم مكانه مراعاة لظروف أبيهم الشيخ الكبير، فرفض يوسف لأن ذلك يخالف الشرع والعدل.

وأصر يوسف على الرفض، فأمرهم كبيرهم بأن يرجعوا لأبيهم، ويقصّوا عليه ما حدث، على أن يبقى هو في أرض مصر، حتى يأذن له أبوه بالعودة، أو يقضي الله له٤.


١ سورة يوسف آية: ٧٦.
٢ سورة يوسف آية: ٧٧
٣ قالوا: المراد بسرقة يوسف أن عمته كانت تربيه بعد مولده، وكانت تحبه، فلما جاء أبوه يأخذه وضعت منطق إسحاق في وسطه، وزعمت سرقته، فلما ظهر عند يوسف أبقته عندها سنة كشرع ذلك الزمان، وقيل: إن يوسف سرق صنم عمته، وكسره، ورماه، فبقي عندها سنة.
٤ تفسير القرطبي ج٩، ص٢٤٢.

<<  <   >  >>