للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تألم أيوب -عليه السلام- لحال زوجته حينما رأى رأسها، ورق لها، فسأل الله أن يكشف عنه الضر، والأذى؛ رحمة بزوجته.

ولما تم الأجل الذي قدره الله تعالى واتجه أيوب إلى ربه، وسأله كشف الضر، وقال ما حكاه الله عنه: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين} ١, {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} ٢.

والمراد بالنصب: الضر الذي أصابه في بدنه، والمراد بالعذاب: الضر الذي أصابه في ماله وولده٣.

وقيل: النصب: الشر والبلاء ماديا أو معنويا كالوسوسة والشك، أما العذاب: فهو البلاء والشر المادي فقط٤.

ونلمح أدبه -عليه السلام- مع ربه وهو يدعوه، إذ نراه ينسب الضر إلى الشيطان، ويسأله أن يرفعه عنه....

واستجاب الله لـ "أيوب" -عليه السلام- وانفرجت الغمة، وذهب البلاء، وقال الله لأيوب: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ٥.

أمره سبحانه وتعالى بأن يضرب الأرض برجله، فضربها عليه السلام ضربة فنبعت عين، فأمره الله أن يغتسل منها، فاغتسل فذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر فنبعت منه عين أخرى، وأمره أن يشرب منها، فلما شرب ذهب جميع ما كان في باطنه من السوء، وتكاملت العافية ظاهرا وباطنا٦ بعدما اغتسل من عين، وشرب من الأخرى.


١ سورة الأنبياء آية: ٨٣.
٢ سورة ص آية: ٤١.
٣ تفسير ابن كثير ج٤ ص٣٩.
٤ انظر تفسير القرطبي ج١٥ ص٢٠٠٧.
٥ سورة ص آية: ٤٢.
٦ تفسير ابن كثير ج٤ ص٣٩.

<<  <   >  >>