للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مساعدة الإسرائيلي؛ حتى لا يقتله كما قتل نفسا أخرى بالأمس.

يصور القرآن الكريم هذا بقوله تعالى: {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} ١.

والآيات توضح أن الإسرائيلي استغاث بموسى، وأن موسى عنّفه، ويجب أن نعلم أن الذي أراد البطش بالقبطي هو الإسرائيلي وليس موسى، وإنما وجه القبطي كلامه لموسى مخافة أن يساعد الذي هو من شيعته؛ لأن حادثة الأمس صارت حديث المدينة، وأن الملأ علموا أن موسى هو القاتل، وأنهم يجدّون في البحث عنه في كل أرجاء المدينة للقبض عليه وقتله.

أما القول بأن موسى أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما، أو بالذي هو من غير شيعته فبعيد، يقول الشيخ العدوي: "ومن البعيد جدا أن موسى يخطئ مرة في تشيعه للذي من شيعته، ويكون من وراء ذلك قتل رجل بدون ذنب، ثم يعاود الخطأ مرة ثانية، بعد يوم واحد من توبته"٢!!

وكذلك من البعيد أن موسى يقابل الرجل الذي يستنصره في المرة الثانية ويعنفه بقوله: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} ثم يساعده مرة أخرى.

والحق أن مرجع الضمير في {أَرَادَ} للإسرائيلي، والضمير في {قَالَ} للقبطي.

وأنقذ الله موسى من فرعون وملئه، بعدما جدّوا في البحث عنه لقتله


١ سورة القصص الآيات: ١٨, ١٩.
٢ دعوة الرسل ص٢٦٩.

<<  <   >  >>