وفي طبعهم مخالفة من يعيشون معه، ولو إلى الأسوأ، فلقد طلبوا من موسى -عليه السلام- أن يطعمهم البصل، والثوم، وغيرهما بدل المن والسلوى.
وفيهم الجبن والخوف، فلقد استضعفوا هارون حين غاب عنهم موسى -عليه السلام- فكفروا، وعبدوا العجل، فلما جاءهم موسى خافوا، ورجعوا إلى الدين مرة أخرى.
ولما أمرهم موسى -عليه السلام- أن يدخلوا بيت المقدس، رفضوا لأن فيها قوما جبارين.
ولما طلب منهم موسى -عليه السلام- أخذ الألواح بعزيمة وقوة، ترددوا، فلما هددهم بظلة الجبل، وخوفهم من سقوطها عليهم امتثلوا.
ومن طبعهم نقض العهد والميثاق، فلقد أخذ الله عليهم الميثاق فنقضوه، ولم يلتزموا.
ومن طباعهم أنهم أمام الضعفاء جبابرة، وأمام الأقوياء خاضعون، انظر إليهم كيف استهانوا بهارون -عليه السلام- لطيب خلقه، ولينه، وعفوه، وكادوا أن يقتلوه ... فلما جاءهم موسى -عليه السلام- اعتذروا بأن تصرفهم كان خارج طاقتهم، وأنهم خدعوا.
تعامل موسى -عليه السلام- مع كل هذا، واستمر في الدعوة لدين الله تعالى بالحسنى، وبالخلق.
وقد حاول مع قومه أن يدخل بيت المقدس، لكنهم جبنوا، فقضى الله عليهم أن يتيهوا في سيناء أربعين عاما.
إنها لرحلة طويلة، وشاقة عاشها موسى -عليه السلام- في مصر، وعند شعيب، وفي سيناء، رحلة لا يتحملها إلا رسول ذو عزم وقوة، وقد أثنى الله تعالى على موسى -عليه السلام- في القرآن الكريم، ومن ثناء الله تعالى قوله سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا، وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ