للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكنهم كفروا برسالة يوسف -عليه السلام- ولم يؤمنوا به، وقالوا بعد موته: {لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} ، وظهر كذبهم بمجيء موسى وهارون -عليهما السلام- رسولين إليهم، وهذا ضلال في التفكير، والتقدير، سببه التمادي في الشك، والبعد عن الله تعالى.

إن موقفهم أساسه الكبر، والطغيان، والجدل في الحق بلا دليل من العقل أو الشرع، وبذلك حلت عليهم لعنة الله، ونزل بهم غضبه؛ لأن الله يطبع على قلب كل متكبر جبار، ومن تعود المعصية استمرأها، ومن استمرأها صارت له مذهبا، وطريقا.

و ثم أخذ يبين لهم قيمة الحياة الدنيا، وزخارفها بالنسبة للآخرة، فمتاع الدنيا قليل وزائل، أما متاع الآخرة فمستقر ودائم وكثير، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ، مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} ١.

وقد تفضل الله على الناس فجعل جزاء السيئة بمثلها، وأما من عمل صالحا فجزاؤه غير محدد، ويكفي أنه يدخل الجنة يتمتع فيها بغير حساب.

ز- وينهي الرجل المؤمن حديثه مع الناس، ويوضح لهم أنه يدعوهم إلى النجاة والخير، وهم يدعونه إلى النار والإثم، وأنه سيدعهم ويترك الأمر لله العليم بكل شيء, قال تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ، تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ


١ سورة غافر الآيات: ٣٨-٤٠.

<<  <   >  >>