وأما الجهل فإنهم لم يقدروا الأمور قدرها، واتخذوا من هؤلاء الناس قدوة لهم، مع أن الله سيهلكهم، ويبطل عملهم، ويعذبهم على كفرهم ... وكيف يأملون من موسى أن يوجد لهم صنما يعبدونه، وقد أفنى عمره في الدعوة إلى التوحيد ... وكيف يبحثون عن صنم مع أن الله أكرمهم، وفضلهم على الأمم من حولهم!!
وأما ماديتهم فإنهم طلبوا إلها من الحجر، وانصرفوا عن الله الذي عرفهم به موسى، وأظهر لهم قدرته، وبين لهم اتصافه بكل كمال يليق به سبحانه وتعالى.
وأما ميلهم إلى التبعية فإنهم يريدون مثل ما رأوا عند الناس؛ لإحساسهم أنهم أفضل منهم، وتبعيتهم لهم تضمن لهم الحياة والاستقرار.
وأما إحساسهم بالضعف: فإنهم لجئوا لموسى ليصنع لهم إلها، وكان يمكنهم أن يوجدوه بأنفسهم، ولأنفسهم، لكنهم لشعورهم بالضعف طلبوا من الغير أن يصنع لهم.
المسألة الثانية: طلبهم الطعام الأدنى
تابع الإسرائيليون سيرهم مع موسى في صحراء سيناء، واحتاجوا إلى الماء, ففجر الله لهم من الحجر اثنتي عشرة عينا، خصص موسى عينا لكل قبيلة، ولما اشتد حر الشمس عليهم أظلهم الغمام، ولما جاعوا أمدهم الله بالمن والسلوى.
والمن مادة رطبة تنزل من الجو كما ينزل الطل، وتتجمع على الحجر وورق الشجر، وطعمها حلو يشبه العسل ... والسلوى طائر السمان، وكان يأتيهم على هيئة أسراب متلاحقة، يغطي الأرض بكثرته.