للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختار موسى من قومه سبعين رجلا يحضرون معه الميقات، وحضروا، واستمعوا كلام الله تعالى، وشاهدوا كل ما حل بموسى، يقول الله تعالى مصورا هذا اللقاء: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ، وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} ١.

والآيات توضح أن موسى -عليه السلام- استخلف أخاه هارون -عليه السلام- في قومه، وهو غائب عنهم، وأمره بملازمة الإصلاح، والبعد عن مناهج المفسدين الضالين.

كما يتضح من آيات القرآن الكريم أن موسى -عليه السلام- طلب من الله أن يريه ذاته، فقال الله: لن تتمكن من رؤيتي، ولكن انظر إلى الجبل, فإن استقر مكانه، إذا تجليت له فسوف تراني، فلما تجلى الله للجبل اندك، فخر موسى صعقا، وعلم أن رؤية الله عيانا أمر مستحيل؛ لأن الله ليس كمثله شيء، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار, وهو اللطيف الخبير.

شاهد السبعون كل هذا، وسمعوا الحوار، ورأوا الأحداث والوقائع، ومع ذلك طلبوا من موسى طلبا غريبا وهو أن يروا الله جهرة، وهذا أمر غير ممكن، يقول الله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ٢، فطلبوا رؤية الله عيانا، مشخصا، ولم يعتبروا


١ سورة الأعراف الآيات: ١٤٢, ١٤٣.
٢ سورة البقرة آية: ٥٥.

<<  <   >  >>