للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتحايل حتى دخل الجنة١، وأخذ في تنفيذ مهمته، وتحقيق غاياته، بوسائل خبيثة, فأكثر من لقائه بآدم حتى أنس إليه، وأكثر من التحدث معه حتى تصوره عاقلا أمينا، ثم أخذ يوسوس لهما بإلقاء حب الشجرة في قلوبهما، وتزيين الأكل منها بصورة مستترة مكررة، والوسوسة الإبليسية يدركها المسلم في حديث نفسه الخفي، وهي تأمره بمعصية، أو تنهاه عن طاعة، إنه حديث يتكرر، وكلما صرفه العقل عاد ...

هذا الوسواس لجأ إليه إبليس مع آدم -أولا- لكن آدم لم يخضع له، ولم يستمع لوساوسه، واستمر في بعده عن الأكل من الشجرة.

فلجأ -ثانيا- إلى إيقاظ شهوة النفس الكامنة في غريزة حب الخلود، وغريزة الملك، وقال: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى} ٢، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} ٣.

فهم آدم وزوجه من كلام إبليس أن الآكل من الشجرة يجعلهم ملوكا خالدين, وبالرغم من رغبتهما في هذه الأماني إلا أنهما رفضا الأكل من الشجرة طاعة لله تعالى


١ قيل: إن إبليس دخل الجنة متخفيا في بطن حية، وقيل: إنه لم يدخل, وإنما اتصل بآدم بواسطة قوته التي جعلها الله له، وقيل: حدثهما لقرب كل منهم من باب الجنة، وقيل: كانت الجنة بعض جنات الأرض، وهذه أقوال فصّلها الرازي في تفسيره، والله أعلم.
٢ سورة طه آية: ١٢٠.
٣ سورة الأعراف آية: ٢٠.

<<  <   >  >>