للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} ١.

نظرت الملكة، ورأت أنه لا قبل لها بحرب سليمان، حتى لا تجر على شعبها ومملكتها الخراب، والدمار، وقالت لرجالها: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، وهدفهم الاستيلاء على الديار، والأموال؛ ولذلك سأرسل لسليمان هدية مالية ضخمة، لنرى ما سيحدث، فإن كان ملكا قبلها، وإن كان نبيا ردها، ووقتها لكل حدث حديث, يقول تعالى: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ، وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} ٢.

وصل وفد الملكة إلى سليمان -عليه السلام- ورأى سليمان أنه لا يحمل مالا كثيرا، فقال لهم: ارجعوا بمالكم، لا حاجة بي إليه، فلقد أعطاني الله تعالى رسالة, وملكا، وسخر لي الكون كله، وآتاني ما لم يؤت أحدا من العالمين.

وحمل الوفد تهديدا للملكة؛ لأنها إن لم تصدق برسالته، وتؤمن بالله، واستمرت على كفرها، وضلالها، وعرفهم بأنه سيرسل لها جيشا ضخما، لا قبل لها به، وسوف يخرجها من مملكتها، ورجالها صاغرون، يقول تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ، ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} ٣.

عاد الوفد إلى بلقيس الملكة، فعلمت أن سليمان ليس واحدا من الملوك، تهمه الأموال والسلطان، وإنما هو رسول يدعو لدين الله، الذي أيده بالقوة، وسخر له


١ سورة النمل آية: ٢٣.
٢ سورة النمل الآيات: ٣٤, ٣٥.
٣ سورة النمل الآيات: ٣٦, ٣٧.

<<  <   >  >>