للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى جاءهم نوح عليه السلام ... وإن اعتبرنا القرن جيلا كمعناه الوارد في قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} ١ تكون الفترة آلاف السنين وشيث -عليه السلام- أحد أبناء آدم، وشيث معناه هبة الله، عهد آدم إليه وولاه أمر أبنائه، وأحفاده، وهو نبي بنص حديث ابن حبان٢, وأنزل الله عليه خمسين صحيفة, وقيل: هي المرادة من قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى} ٣.

و"إدريس" -عليه السلام- نبي الله، يقول الله تعالى عنه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} ٤، فقد أثنى الله عليه، ووصفه بالنبوة والصديقية، وبين علو منزلته، وفي حديث الإسراء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر عليه في السماء الرابعة٥.

والمكان العالي الذي تتحدث عنه الآية قيل: هو الجنة، وقيل: هو السماء الرابعة.

والمرفوع قيل: عمله -عليه السلام- وقيل: ذاته, حيث رفع قبل موته ثم مات بعد رفعه، وقيل: بل رفع بعد موته.

وكل هذه الأقوال معانٍ تحتملها الآية، فليس بعضها أولى من بعض.

ومن المعلوم بالضرورة أن شيثا وإدريس -عليهما السلام- دَعَوَا إلى توحيد الله، وإلى عبادته، وإلى التمسك بهديه وسبحانه وتعالى٦.


١ سورة الإسراء آية: ١٧.
٢ البداية والنهاية ج١، ص٩٨.
٣ سورة الأعلى آية: ١٨.
٤ سورة مريم آية: ٥٦, ٥٧, وسمي عليه السلام بإدريس؛ لمدارسته العلم.
٥ صحيح البخاري بشرح العيني, باب ذكر إدريس عليه السلام ج١٥، ص٢٢٤.
٦ اكتفيت في العنوان بـ "إدريس" عليه السلام؛ لأن القرآن الكريم تحدث عنه، ولم يتحدث عن شيث عليه السلام.

<<  <   >  >>