لكي يملئوا حياتهم بما كلفوا به، ولا يضيعوا أوقاتهم فيما تكفل به الخالق العظيم، يقول تعالى:{مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ١.
والآيات تبين رحمة الله، وعظمته، فهو السيد المطاع، وشأنه سبحانه وتعالى مع عبيده، لا يقاس عليه شأن الخلق مع عبيدهم، فإن عبيد الخلق مطلوبون للخدمة، والتكسب للسادة، بواسطة أعمال يقومون بها ابتغاء عطاء، وأجر، والله تعالى لا يطلب من عباده رزقا، ولا إطعاما، وإنما يطلب منهم عبادته فقط، وزائد على أنه لا يطلب منهم رزقا فهو الذي يرزقهم، وعليهم أن يقوموا بما خلقوا له.
وبتحقيق العبودية يتحقق توحيد الله تعالى في الحقيقة لما بين التوحيد والعبادة من تلازم، وارتباط.
فالتوحيد تصديق يقيني بألوهية الله الواحد، هذه الألوهية المشتملة على تقدير الله الخالق، وعدم إشراك غيره معه فيما يستحق من صفات، وأفعال، فهو سبحانه متفرد في الألوهية، والربوبية، والقوامة، والسلطان، والحكم.
والواجب على الإنسان العابد أن يحقق هذا التوحيد، اعتقادا في الضمير، وعبادة في الشعائر، ونظاما وسلوكا في الحياة العملية.
إن التوحيد في حقيقته يعني أن تعود حياة الناس بجملتها إلى الله....
وليس من التوحيد التوجه بالتعظيم إلى مخلوق آخر غير الله.
وليس من التوحيد إعطاء ما لله لغير الله؛ لأن ذلك شرك، وجحود لا يجوز في دين الله تعالى.