للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الرازي عند قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ} ١ أي إني أسلمت وجهي لله، لا أعبد غيره، ولا أتوقع الخير إلا منه، ولا أخاف إلا من قهره، وسطوته، ولا أشرك به غيره٢ وبذلك يتضمن إسلام الوجه الإخلاص، وكمال العبودية، وقصرها على الله وحده، فدعوة الرسل إلى العبادة دعوة إلى الإسلام في الحقيقة.

والعبادات التي دعا إليها الرسل نوعان:

الأول: نوع محدد مقدر مكيف بنص مقدس لا يقبل التغيير والتبديل.

الثاني: نوع غير محدد، ويدخل في إطار قواعد كلية تحتوي على جزئيات عديدة، حدثت أو لم تحدث.

أما عن النوع الأول فيقول الغزالي عنه، "إنه محدد مقدر من جهة الأنبياء لا يدرك وجه تأثيرها ببضاعة عقل العقلاء، بل يجب فيها تقليد الأنبياء الذين أدركوا تلك الخواص بنور النبوة"٣، ويقول العقاد عنها: "أنها شعائر توقيفية تؤخذ بأوضاعها وأشكالها٤.... والعبادات المحددة هي التي يلتمس أثرها عادة، ويطلب سرها كالصوم والصلاة، والزكاة والحج، وقد اتفقت الدعوات السابقة في وضع أصولها للناس، حتى يتحقق الانقياد العملي ويظهر الإخلاص لله تعالى بها.

هذا هو سيدنا إبراهيم عليه السلام دعا ربه أن يمكنه وذريته من إقامة الصلاة فيقول: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} ٥.

ومن الأوصاف التي استحق بها سيدنا إسماعيل المدح إقامته للصلاة: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} ٦.


١ سورة آل عمران آية "٢٠".
٢ مفاتيح الغيب ج٢ ص٦٣٠.
٣ المنقذ من الضلال ص١٨٥.
٤ حقائق الإسلام ص١٠٨.
٥ سورة إبراهيم آية "٤٠".
٦ سورة مريم آية "٥٥".

<<  <   >  >>