للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} ١، فطلب إليهم أن يوحدوا الله، ويعبدوه، ويرجعوا عما كانوا يباشرونه من القبائح الأخلاقية، وقد جاء النظم في الآية مهتما بالتوبة، حيث ذكر العلة الباعثة عليها، وهي {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} وجعل عقبها مباشرة الغاية المرجوة وهي {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيب} ٢.

وواضح أن هذه الغاية، وتلك العلة، داعيتان إلى توحيد الله، وعبادته، والبعد عن الضلال، وترك السفة بصورة تلقائية، فقد وضعتهما الآية حول الأمر بالتوبة للإشارة إلى أهمية هذا الأمر، وضرورته للتوحيد، ولبيان مدى ما يترتب عليها من فائدة.

وهكذا دعا صالح عليه السلام قومه إلى التوحيد وفي نفس الوقت دعاهم إلى ترك الفساد والاستكبار.

وشعيب عليه السلام دعا قومه إلى التوحيد، واستقامة الأخلاق، حيث قال لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ٣ فنراه عليه السلام قد بدأ بإصلاح العقيدة وقفى عليها بالأمر بإيفاء الكيل، والميزان، إذا باعوا، والنهي عن بخس الناس أشياءهم إذا اشتروا، وأن يبتعدوا عن كل إفساداتهم، وضلالهم، بعد ذلك، وقد نهاهم شعيب عن كل هذا وختم قوله لهم بقوله: {ذَلِكُمْ خَيْر


١ سورة هود آية "٦١".
٢ تفسير أبي السعود ج٣ ص٣١.
٣ سورة الأعراف آية "٨٥".

<<  <   >  >>