للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- خضوع الناس، وتسليمهم بحق السلطان المقدس، فلقد صدقوا فرعون حينما قال لهم: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} ١، وقال لهم: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} ٢.

يشير الله إلى طاعة الناس لفرعون، وتصديقهم لمزاعمه، فيقول تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} ٣.

إن حال فرعون هو حال كل جبار في الأرض، سيطرت عليه نفسه، وخدعه تعظيم الناس، وخضوعهم له، ولقد كانت "بلقيس" تعلم ذلك ساعة أن جاءها الهدهد بخطاب سليمان؛ إذ قالت لقومها: {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} ٤.

٤- وجود أنظمة تعمل لتكريس التعظيم والتبجيل، للسلطان، والحاكم، وهذه الأنظمة وضعها الحاكم لنفسه، وصار لها شأن، وتقدير وسط الناس، ومن أمثله هذه الأنظمة ما بثه فرعون في المدائن من علماء، وسحرة، وولاة، وكلهم يدين بالولاء، والطاعة له.

هذه بعض آثار السلطة على أصحابها، وقد بعث رسل الله لهؤلاء الناس، وتعاملوا معهم بما يناسبهم، ودعوهم إلى الحق بمنهج يتلاءم مع واقعهم وفكرهم.

يوضح الله ملامح هذا المنهج في قوله لموسى وهارون عليه السلام: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} ٥، وفي قوله تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى، وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى} ٦.


١ سورة النازعات آية "٢٤.
٢ سورة القصص آية "٣٨".
٣ سورة الزخرف آية "٥٤".
٤ سورة النمل آية "٣٤".
٥ سورة طه آية "٤٤".
٦ سورة النازعات الآيات "١٨، ١٩".

<<  <   >  >>