ولم يفضل منه ما يقتضي شيئاً آخر، ولا بقي لضامنه ما يقتضيه شيء آخر. وهكذا المانع في قياد ذلك قد اقتضى الممنوع واستوفاه ولم يفضل منه ما يقتضي شيئاً آخر، ولا بقي منه أيضاً ما يقتضيه شيء آخر. وخرج حكم الممكن من الحكم الذي للواجب، والحكم الذي للممتنع، لأن الممكن كأنه الطالب لكانه والداعي لنفسه، فيكون مكاناً. وهذا كله لتقلقه في قضائة وقلة استقراره في بابه، لأنه عادم لحده وطبيعته، وإنما يغلب عليه تارة ما يغيره الواجب من نفسه وصورته، فيصير الإمكان القريب من الوجوب في الوسط، لا يظن به رفع إلى جانب، ولا انحراف لمكان الواجب عن الحقيقة، عن الكثرة والقلة والانقسام والعلة، وعن استعارة صورة عن ذي صورة. فصار الممكن المنقسم إلى الكثرة والقلة والوسط. لأن الكثرة والقلة قدران، وإذا بطل ما يكون ذا قدر بطل القدر.
ومما جرى بين هؤلاء الأفاضل في هذا الفصل ما يدخل في حاشية هذا الكلام الذي قد أعجزني عن أدائه على وجهه بالقسطاس المستقيم سوء التأتي فيما يحقق المراد ويحط ثقل الهم. وقول آخر: إن الواجب واجب أن يكون واجباً،، والممكن واجب أن يكون ممكنا، الممتنع واجب أن يكون ممتنعاً. فالوجب صورة الجميع، لأنه نعت للعلة الأولى. وأما الإمكان والامتناع فإنه يشار إليهما بعد الاعتراف بالوجوب الذي قد نفذ سلطانه فيهما وملكت سمته جملتهما واحتوت صفته عليهما. والواجب لطبيعته لم ينقسم، لأن الوحدة إلى الكثرة وتشعبت عما هي عليه في الحقيقة، وكذلك الممتنع، لأنه يكون في الطرف الآخر يعطي صورة الانتفاء من نفسه توقيراً لحد الواجب. ولا ضير أن يختصر لهذه الجملة مثال يكون كالوحي إلى الحق لئلا يطيح ما طال القول فيه وتتابع البحث عنه، وواجب ا، يكون الفاعل