٢ - أن شهادة أهل الكتاب للرسول -صلى الله عليه وسلم- مبنية على كتابهم التوراة الذي يَنتسبون إليه، فإن كان موجودًا في التوراة ما يوافق القرآن ويصدقه ويشهد له بالصحة؛ فلو اتفقوا من أولهم وآخرهم على إنكار ذلك لم يقدح بما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
٣ - أن الله تعالى أمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يستشهد بأهل الكتاب على صحة ما جاءه، وأظهر ذلك وأعلنه على رؤوس الأشهاد، ومن المعلوم أن كثيرًا منهم من أحرص الناس على إبطال دعوة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلو كان عندهم ما يَردُّ ما ذَكَرَه الله لعبده لأبدوه وأظهروه وبينوه، فلما لم يكن شيء من ذلك كان عدم رد المعادي وإقرار المستجيب من أدل الأدلة على صحة هذا القران وصدقه.
٤ - أنه ليس أكثر أهل الكتاب ردَّ دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بل أكثرهم استجاب لها وانقاد طوعًا واختيارًا، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بُعث وأكثر أهل الأرض المتدينين أهل الكتاب.
فلم يمكث دينه مدة غير كثيرة حتى انقاد للإسلام أكثر أهل الشام ومصر والعراق وما جاورها من البلدان التي هي مقر دين أهل الكتاب، ولم يبق إلا أهل الرياسات الذين آثروا رياساتهم على الحق ومَن تبعهم من العوام الجهلة ومَن تَدَيَّن بدينهم اسمًا لا معنى؛ كالإفرنج الذين حقيقة أمرهم أنهم دهرية منحلون عن جميع أديان الرسل، وإنما انتسبوا للدين المسيحي ترويجًا