للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدرس ١٨

قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩)} [سورة آل عمران].

قال -رحمه الله-:

قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، أي: الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفِكر، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصرُه:

١ - منها أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله.

٢ - أن فيها تسميحًا لخواطرهم وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث، فإنَّ مَنْ له الأمر على الناس إذا جمع أهل الرأي والفضل وشَاوَرَهم في حادثة من الحوادث اطمأنت نفوسهم وأحبوه، وعلموا أنه ليس يَستبد عليهم، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع؛ فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته؛ لعلمهم بِسعيه في مصالح العموم، بخلاف مَنْ ليس كذلك، فإنهم لا يكادون يُحبونه محبة صادقة ولا يطيعونه، وإن أطاعوه فطاعة غير تامة.

٣ - أن في الاستشارة تنور الأفكار بسبب إعمالها فيما وضعت له، فصار في ذلك زيادة للعقول.

<<  <   >  >>