للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدرس ٤٣

قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)} [سورة الأعراف].

قال رَحِمَه اللهُ تَعالى:

قال إبليس معارضًا لربه: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}، ثم برهن على هذه الدعوى الباطلة بقوله: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) وموجب هذا: أن المخلوق من نار أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها، وهذا القياس من أفسد الأقيسة؛ فإنه باطل من عدة أوجه:

١ - أنه في مقابلة أمر الله له بالسجود والقياس إذا عارض النص فإنه قياس باطل؛ لأن المقصود بالقياس أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص يقارب الأمور المنصوص عليها ويكون تابعًا لها، فأما قياس يعارضها ويلزم من اعتباره إلغاء النصوص فهذا القياس من أشنع الأقيسة.

٢ - أن قوله: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} بمجردها كافية لنقص إبليس الخبيث، فإنه برهن على نقصه بإعجابه بنفسه وتكبره والقول على الله بلا علم؛ وأيُّ نقص أعظم من هذا؟!

٣ - أنه كَذَب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب؛ فإن مادة الطين فيها من الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات على اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار ففيها الخفة

<<  <   >  >>