للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدرس ٥٦

قوله تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)} [سورة التوبة].

قال رَحِمَه اللهُ تَعالى:

يقول تعالى: {الْأَعْرَابُ} وهم سكان البادية والبراري {أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} من الحاضرة الذين فيهم كفر ونفاق، وذلك لأسباب كثيرة منها:

أنهم بعيدون عن معرفة الشرائع الدينية والأعمال والأحكام، فهم أحرى {وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} من أصول الإيمان وأحكام الأوامر والنواهي بخلاف الحاضرة؛ فإنهم أقرب لأن يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ فيحدث لهم بسبب هذا العلم تصورات حسنة وإرادات للخير الذي يعلمون ما لا يكون في البادية، وفيهم من لطافة الطبع والانقياد للداعي ما ليس في البادية …

وفي هذه الآية دليل على:

١ - أن الأعراب أحرص على الأموال وأشحُّ فيها.

٢ - الأعراب كأهل الحاضرة؛ منهم الممدوح ومنهم المذموم، فلم يذمهم الله على مجرد تَعَرُّبِهم وباديتهم، إنما ذَمَّهم على ترك أوامر الله وأنهم في مظنة ذلك.

<<  <   >  >>