قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}، أي: وأُحل لكم ما علمتم من الجوارح إلى آخر الآية.
دلت هذه الآية على أمور:
١ - لطف الله بعباده ورحمته لهم؛ حيث وَسَّعَ عليهم طرق الحلال، وأباح لهم ما لم يُذَكُّوه مما صادته الجوارح، والمراد بالجوارح: الكلاب والفُهود والصَّقر ونحو ذلك مما يَصيد بنابه أو بمخلبه.
٢ - أنه يشترط أن تكون مُعَلَّمَة بما يُعد في العرف تعليمًا؛ بأن يسترسل إذا أُرسل وينزجر إذا زُجر، وإذا أمسك لم يأكل، ولهذا قال:{تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}، أي: أمسكن من الصيد لأجلكم.
وما أكل منه الجارح؛ فإنه لا يُعلم أنه أمسكه على صاحبه، ولعله أن يكون أمسكه على نفسه.
٣ - اشتراط أن يجرحه الكلب أو الطير ونحوهما؛ لقوله:{مِنَ الْجَوَارِحِ}، مع ما تقدم من تحريم المنخنقة، فلو خنقه الكلب أو غيره أو قتله