قلت لهما: فلو كان إنما صالح الوكيل عن الغريم بعض من يعنيه أمره بمال نفسه ـ والغريم حي أو ميت - فصالحه بالذي أعطاه من مال نفسه على أن يلحق ذمة الغريم، فلما أبي الموكل إمضاء ذلك ولم يجزه أراد هذا المصالح أن يرجع فيما أعطى من ماله في الصلح.
فقالا لي: ذلك له وإن لم يكن اشترط ذلك، وليس يشبه ما صالح به الغريم عن نفسه، ذلك لا يرجع فيه باشتراط، وهذا يرجع وإن لم يشترط؛ لأن الذي له أعطى ماله لم يتم له إلا أن يشاء الموكل إمضاء ذلك، فإن أبي رد إليه ما أعطاه واتبع ذمة غريمه بجميع حقه.
وسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي مثله.
قال: وسمعت مطرفًا وابن الماجشون يقولان: كل من وكل على تقاضي دين أو خصومة، أو على أمر بعينه وفوض إليه النظر فيه لمن وكله، فلا يجوز صلحه حتى يفوض إليه الصلح فيه، وكل من وكل وكالة تفويض في جميع أمور الموكل؛ ليس في شيء بعينه فذلك يجوز صلحه وإن لم يسم له الصلح.
قال: ولا يجوز من الصلح حيث جوزنا الصلح إلا ما كان نظرًا للموكل.
وسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي مثل قولهما فيه.
وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن الصلح يقع بما لا يجوز التبايع به؛ مثل الرجل يدعي على الرجل حقا فينكره، فيصالحه منه على سكنى داره سنة قبل أن يعرف الغلة، أو يدعي قبله شعيرًا فيصالحه بقمح إلى أجل، وما أشبه هذه الوجوه.