وسألت مطرفًا عن الشفيع والمستشفع منه يصطلحان في ترك الشفعة علي أنه متى بلغه أذاه أو أذى ولده فهو على شفعته، أترى هذا الصلح لازمًا لهما؟
فقال: لا أراه لازمًا لواحد منهما ومتى ما طلب الشفيع شفعته أخذها، ومتى ما قام به المشتري إلى السلطان وقفه على الأخذ أو الترك ما لم يطل الزمان، كما قال مالك في شفعة الحاضر، وطول الزمان في ذلك عندنا السنون الكثيرة.
وسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي: الصلح جائز والصلح به لازم، ليس لشفيع أن يرجع عنه حتى يأتي الذي استثنى، وإن أراد المستشفع منه أن يدع الصلح، ويوقف له الشفيع على الأخذ أو الترك، كان ذلك له.
وإنما ذلك عندي بمنزلة المقذوف يعفو عن حده على أنه إن شتمه ثنية أو آداه فهو راجع فيه، فيريد أن يقوم عليه، فلا يكون ذلك له، وبمنزلة ما لو اشترط الشفيع في صلحهما أنه تارك للشفعة إلا أن يدخل عليه ضررًا بالبيع، فمتى ما باع من غيره فهو على شفعته كان ذلك له.
ابن حبيب: وقول أصبغ في هذا أحب إلي، وبه أقول.
وسألت مطرفًا عن رجل هلك، فقام ولده الأكابر إلى شريك لأبيهم الهالك، فقالوا: إنه بقي لأبينا عليك مائة دينار من شركتكما. فأنكر، فقال: قد قاررته في حياته وما بقي له علي شيء، وفلان يعلم ذلك، فاصطلحوا على الرضى بما شهد به فلان، فشهد أنه قد حاسبه وأبرأ كل واحد منهما صاحبه، ثم قام عليه الأصاغر من ولد الهالك بعد بلوغهم، فقالوا: المائة التي بقيت لأبينا عليك أدها إلينا؛ فإنه لا يلزمنا صلح إخوتنا على الرضى بالشاهد فأنكرهم، فقيل له: احلف. فنكل ورد اليمين عليهم فحلفوا، أترى