الرشد التي يخرج بها من الولاية التي سمى الله؛ فبيعه مردود، بمنزلة ما لو باع قبل بلوغه الحلم إذا اتصلت به حال السفه بعد بلوغه الحلم؛ لأن الله تبارك وتعالى قال:{إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}[النساء:٦] فبلوغ النكاح هو بلوغ الحلم، فلم يخرجه الله من الولاية ببلوغ الحلم إلا بالرشد مع الحلم، فهو في ولاية؛ كان له أب أو لم يكن، أوصى له أبوه إلى أحد أو لم يوص، ولى عليه لسلطان أو لم يول، لأنه منذ اطلع إلى الدنيا إنما اطلع إلى حال ولاية من أبيه ثم من السلطان بعد أبيه، لأن السلطان ولي من لا ولي له، وليس ترك السلطان ما ينبغي له تفقده من الأيتام في إقامة الأولياء لهم بالنظر لهم والضبط عليهم بمجيز شيئًا من أمورهم لم يكن يجوز، فبيع مثل هذا عندنا قبل أن يولي السلطان عليه وليا وبعدما ولى واحد، وذلك مردود.
قال لي مطرف وابن الماجشون: وأما من خرج ببلوغه الحلم من حد الولاية ـ بما أنس منه من الرشد وظهر منه من حسن النظر وما رجي منه عند ذلك من تماديه في ذلك حتى باع وابتاع وخالط الناس - ثم حدثت له حالة سفه في رأيه ونظره لنفسه، فباع فيها وابتاع وخالط الناس ومضى على حالته الأولى التي كان عليها من خلطة الناس حتى رفع أمره إلى السلطان فأولى عليه فإن بيع مثل هذا قبل الولاية جائز ما لم يكن بيع سفه وخديعة بينة، مثل أن يبيع ثمن ألف دينار بمائة دينار وما أشبه هذا، فيرد مثل هذا، وإن كان قد أفسد الثمن لم يكن عليه منه شيء ولا في ماله وما كان من بيعه مقاربًا، وإن كان فيه غير متقارب فهو ماض لأنه كان من أهل إجازة البيع ببلوغه الحلم وما أنس منه من الرشد، وكان قد خرج بذلك من حد الولاية فلا يكون من أهلها إلا بإعادة السلطان إياه فيها.
قال: وهذا أحسن ما سمعت فيه.
وقد سألت عنه أصبغ، فقال لي: سمعت ابن القاسم يقول: بيعه قبل