قال: ليس على مرضى الحواضر الخروج منها إلى ناحية بقضاء يحكم به عليهم، ولكن إن كفوا مؤناتهم - كالإمام العدل يجري ذلك عليهم - منعوا من مخالطة الناس إن شاؤوا، وأمروا بلزوم بيوتهم، وإن شاؤوا بالتنحي ناحية ذلك إليهم.
والحكم عليهم بتنحيهم ناحية إذا كثروا أعجب إلي، وهو الذي عليه الناس في الأمصار كلها.
وسألت مطرفًا عن القناع؛ هل للإمام أن ينهي عنه؟
فقال لي: القناع محدث، ما كان عندنا حتى أتانا من العراق، وإنما كان النساء يخرجن حواسر عن وجوههن، وذلك مثل الدنية من النساء والصفراء والعجوز وما أشبههن، فإذا كانت المرأة لها القدر والحال خرجت مستورة بالستر، فأما القناع فلم يكن يعرف عندنا على حال إلا منذ قريب أتانا من قبل العراق فدخل فيه نساؤنا، ولقد أعان ذلك ذوات السفه من النساء على السفه.
قلت: فما ترى أن يمنعن من ذلك؟
قال: قد تنتفع به المرأة المضطرة إلى الخروج وتستتر به حتى تبلغ حاجتها ـ والأمر كثير شامل، وما رأيت مالكًا ولا غيره نهى عن ذلك عندنا، إلا ما كان من الإماء، فإن مالكًا كان يكره ما أحدث الإماء من تقنيع رؤوسهن، وكان يرى أن ينهاهن الإمام عن ذلك ويكشف رؤوسهن.
ولقد كانت الأئمة تفعل ذلك عندنا؛ كانت ترسل الشرط فحيثما وجد أمة قنعت رأسها وإن حسرت عن وجهها نزعت القناع، كيلا يتشبهن بالحرائر، وهو الذي جاء عن عمر بن الخطاب.
قال: وأكره أن يكشفن شيئًا من أجسادهن، وأرى أن يمنعن من ذلك.