قال مالك: يقسم بينهما على قدر دعواهما فيه يكون لمدعي الجميع ثلثاه، ولمدعي النصف ثلث.
وقال ابن أبي سلمة: بل يكون لمدعي الجميع ثلاثة أرباعه، ومدعي النصف ربعه.
واحتج ابن أبي سلمة بأن مدعي النصف لم يدع في النصف الواحد فأسلم ذلك النصف إلى مدعي الجميع، ثم صار النصف الباقي فيه دعواهما جميعًا هذا يدعيه لنفسه وهذا يدعيه لنفسه، فقسمه بينهما.
قال: وحجة مالك في قوله لأن دعواهما جميعًا إنما هي مشاعة في الثوب كله، أو في الدار كلها، ليس في نصف منها بعينه دون النصف الآخر، ولو كان ذلك كذلك لكان كما قاله عن ابن أبي سلمة، ولكن مدعي النصف إنما ادعى نصف ذلك الشيء كله نصفًا مشاعًا ليس نصفًا بعينه، فنظر في قسمة ذلك بينهما إلى أدنى ما يقوم منه النصف فكان ذلك من اثنين، فضرب صاحب الجميع بسهمين، وضرب فيه صاحب النصف بسهم، فكان ذلك بينهما على الثلث والثلثين.
وكذلك لو كانت دعواهما على أدنى من هذا أو أكثر، أو قال أحدهما: لي ثلثه، وقال الآخر: لي جميعه. نظر إلى أدنى ما يقوم منه الثلث ـ وذلك ثلاثة ـ فضرب فيه مدعي الجميع بثلاثة، وضرب فيه مدعي الثلث بواحد، فكان بينهما أرباعًا.
وحمل ذلك محمل اقتسام الغرماء مال الغريم المفلس إذا خلع لهم، فإنه يضرب فيه كل واحد منهم بقدر الذي له عليه، وكذلك ضرب كل واحد من هؤلاء في هذا الشيء الذي ادعاه كل فيه.
وكذلك اختلف مالك وابن أبي سلمة في الرجل يبضع مع الرجل بدينار، ويبضع معه آخر بدينارين، فخلطاهما فيضيع منهما دينار؛ فقال مالك: يقتسمان الدينارين الباقيين على الثلث والثلثين، ومصيبة الدينار التالف بينهما على الثلث والثلثين.